Wednesday, 3 February 2010

قراءة في كتاب "حب في الغسالة" ليحيى جابر





عندما يناديك كتاب "يحيى جابر" الجديد الصادر عن "دار الريّس للكتب والنشر" في كانون الثاني 2010، لن تقدر بكل بساطة أن تتجاهله. "حب في الغسالة"، عنوان غريب سيلاحقك منذ اللحظة الأولى التي ستحمل فيها الكتاب إلى موعد القراءة، من وقت تأمل صورة الغلاف، إلى ذلك الشعور الذي ستتركه كلمات القصائد خلفها.

خمسون قصيدة، بين دفّتي الكتاب، وزعها الشاعر بين جزأين يتقاسمان عدد الصفحات:



القسم الأول يضم ثماني قصائد ويحمل العنوان ذاته للكتاب وعنوان القصيدة الأخيرة فيه، وقد كتبت بين عامي 1998 و 2003. أما القسم الثاني فقد كتب بين عامي 2005 و 2008 تحت عنوان" علامات بلا نصر".

عندما تقرأ الأشعار، ستتمهّل مرّات لتتبسم حزناً من سهم يصيبك في كبريائك، كأن يذكرك الشاعر بـ "قلعة جبيل / وأبجدية مرمية على الموج"، وستبتسم مرات أخرى لصور جريئة لا بد أن تكون قد سمعتها همساً في زاوية حديث يشبه الحوار بين الكاتب وشيرين بطلة قصيدة "مستشفى بعبدا الحكومي": "ثمة مئذنة تنمو بجوار الدير. / صرَخَت: "يا يسوع / إنهم الشيعة يزحفون..." / قلت لها: C'est la Vie / أجابتني... - " مسلم وبتحكي فرنسي؟".

ستلتهم الكلمات من بين السطور، لتأخذك في رحلة في أعماق ذكرياتك البعيدة. تتبادل مع الشاعر إحساسه، بعد أن يعيدك في رحلة إلى الماضي يوم كنت في المكان ذاته. يكتب: "صمتها يجرحني / سيجارتها مشارف بركان. / مكبلاً بسكوتها..."، تتخيّل السيجارة ونارها، السكون والانتظار. يخبرك عن الضياع، عن العلاقات، عن الأمل بالمستقبل والخوف من الحاضر: "وحل في المصافحات / تائه بين ورقة يانصيب / وورقة طلاق."

كتاب يحمل بين دفتيه معاناة الموظف: " هنا أعصر راتبي وأكرعه"، الأمنيات "بشمعة لعيد الشعانين / وجوارب لشجرة الميلاد."، وجع حروب الأخوة وعبثيتها: "هللويا... لعلم لبنان بأرزتين"، "استيقظت فجراً بلا شقيقين. / أخي الجندي وأخي الرفيق / في مدفنين". وفي قصيدة "قانا" يقول: "مفاتيح بحجم الأصابع / تفتش عن ثقب في السماء / لكن السماء مقفلة بالطائرات". يحيى الشاعر يتنقل بين الوجع، والحزن، والحروب، يتمرّد عليها ليتذكّر الحب والغرام: "وعدتك بحديقة في غرفة النوم... / وعدتك بحكاية وقبلة / وأسهر عليك طول الشتاء.... / والغروب لك أحمر شفاه."

الكتاب لا يخلو من الجرأة التي تصل إلى حد "الوقاحة" في قالب شعري، ينقل كل ما تراه عينا يحيى من الأشياء بجمالها، بشاعتها وحتى غرابتها. يقفز من الرومانسية إلى التحرر الجنسي المطلق في الوصف، إلى استخدام عبارات باللغة الأجنبية، ومفردات غير مألوفة، إلى بروز عاملي السياسية والطائفية في قصائده، ليرفع قلمه عالياً بوجه كل التقاليد والموروثات في الشعر



No comments:

Post a Comment

Share

Widgets