لأنني أشفق على ألمي كما أرثي حال كتبي الهائمة في زوايا البيت...
لأن الأحلام تُكدّس في صناديق تمتهن الغبار صلاة يومية...
لأن الدموع تُمسح بخرقة وترمى في بطن النسيان، والحزن الذي يصبغ بياض العيون بأحمر خائن لا يعدو أن يكون أكثر من حقيقة مغمّسة بالغثيان...
لأن جبيني سبّورة يتسلّى الوقت بالخربشة عليها، يرسم ظلالاً من ندم وجراحاً تتذكّر أكثر من صديق سبا محبّتي...
لأن الله يتّقن فنّ الإصغاء، والشيطان عدوه السرمدي يملك أروع ابتسامة...
لأن الأمل دمية شاخت بين أصابعي، وزفرات المستقبل هلوسة ماسح أحذية...
لأن النساء اللواتي أحببت أجمل الأزهار، أعتقتهن من جنوني، واحتفظت بأشواكهن في حلقي عبيراً للذكرى...
لأنني الأسير الأخير الذي لم يلذ بالفرار بعد، يتناوب على حراستي كل من عرفني. باقٍ هنا بين جدران مهترئة وباب مشرّع على كل الإغراءات. باقٍ مع نواطير نظراتي خوفاً من أسئلة ضميري. ماذا ستنهش أسنان حرّاسي، وأين ستنشب أظافرهم بعد رحيلي، وأنا الذي علّمتهم كيف يمسّدون الدماء خطوطاً مستقيمة على ظهري؟.
وربما لأن الأوراق في بلادي، رخيصة، فارغة، ومنتهكة...