Sunday 2 May 2010

Twitter - فضاء أنت أحد كواكبه..




... في هذا المكان السحري أنت لا تحتاج إلى تأشيرة دخول للعبور إلى أقاصي الأرض، ولا لانتظار مذل يطول أمام السفارات، ولا تحضير كشوفات مصرفية، أو سيرة ذاتية. لا همّ للتوقيت هنا ولحسابات فرق الساعات، فالعبارات المتروكة أشبه بالأزهار المتفتحة في بستان، تستطيع الاستمتاع برائحتها، أو تجاهلها إن شئت، أو الانصراف إلى البحث عما قد يستهويك في الأرجاء.

هذا "المكان" السحري بكل معنى السحر، هو نافذة صغيرة تطل منها على كل الدنيا، عالم لا تغيب عنه الشمس. نعم، إنه عالم، لكنه عالم افتراضي، يتحول تدريجياً إلى حقيقي، ملموس، وواقعي تشارك بصنعه أنت.. كما كل سكان الأرض. 

الـ "تويتر"- Twitter أو الترجمة الحرفية لكلمة "تغريد"، هي خدمة إلكترونية جديدة تصف نفسها بأنها "مجتمع من الأصدقاء والغرباء من شتى أنحاء العالم يرسلون تحديثات عن لحظات حياتهم". إنها ملتقى في العالم الافتراضي، لكن الناس الذين يتلاقون فيه هم مثلك تماماً، حقيقيون.






التشبيه الأقرب للتويتر يكمن في تخيّله فضاءً لا حدود له، حيث كل مشترك هو كوكب يكون محوراً لنجوم تتحرك في مساره.

لا يحتاج دخول هذا العالم إلى خبرات واسعة، بل يتطلب منك معرفة بسيطة بتقنية الكمبيوتر تسمح لك بالسفر آنياً بعد بضع دقائق من تسجيل الدخول. تختار اسماً، قد يكون اسماً حقيقياً، لقباً أو صفة. النسبة المطلقة مع الخيار الأول، ترفق المعلومات الشخصية للمشترك مع صورة لوجهه، أو رمز ما أو شعار شركة. هناك مكان مخصص لكتابة حرّة، تستخدم للتعريف عن الشخص، عن هواياته، عن نظرته الفلسفية للحياة، أو تترك فارغة. يمكن للمشترك أن يبدّل الألوان وخلفية الشاشة، فيختار ما يناسب ذوقه ويعبّر عن نظرته إلى الحياة. والميزة الأخيرة هي رابط لموقع المشترك الشخصي، من خلاله يعرّف العالم على كتاباته أو رسوماته أو أعماله.

نيتشه (NietzscheSays@) ، جبران خليل جبران (GebranKGebran@) ، نزار قباني (About_Nizar@) ... "أحياء" في ذلك العالم الافتراضي، تتردّد كلماتهم بين الرسائل. الملوك، الرؤساء، المشاهير، الأحزاب السياسية والعلمانية، الحكومات، الفرق الدينية... كلها موجودة وتبحث عن طرق اتصال مع الجماهير. هنا تتسابق الشركات عبر مكاتبها التسويقية للتواجد والانتشار في العالم الافتراضي من خلال نافذة التويتر. وقد أعلن موقع التويتر عن خاصية جديدة من أجل إضفاء مصداقية على أسماء بعض المشتركين المشهورين، عبر إضافة إشارة وعبارة "حساب أكيد" (Verified Account) مثالاً حساب (QueenRania@) الملكة رانيا عقيلة الملك الأردني عبد الله بن الحسين، حساب رجل الأعمال (BillGates@) بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت، وحساب الممثلة أليسا ميلانو  (Alyssa_Milano@)...




الأبجدية الأكثر استخداماً في عالم التويتر هي الأحرف اللاتينية. وهناك بالطبع من يعتمد اللغة العربية، ومتحدثو هذه اللغة قسمان، قسم يستخدم الأحرف العربية، وقسم "يحكي بالعربي" ويستبدل أحرف العربية بأحرف لاتينية. كلمة التويت (Tweet) أي التغريدة، ترمز إلى الرسالة ـ العبارة التي يكتبها الشخص أو ما يسمى التويتر (Twitter) أي المغرّد. ويمكن للرسالة أن تتألف من 140 حرفاً كحد أقصى.

اللافت أن التويتر تخطى حواجز اللغة، وهو يكتسب يوماً بعد يوم قاموساً خاصاً به يشبه إلى حد ما فراداته الأخرى، فهناك أسماء مخترعة باتت تشبه الأعراف، اخترعها أحدهم مصادفة أو عن ذكاء، تستعمل اليوم على نطاق واسع مثل تويبل (Tweeple/Tweople) وهي ترمز إلى شعب التويتر أي كناية عن المزج بين الكلمتين الإنكليزيتين (Twitter-People). كلمة أخرى مشابهة للكلمة السابقة تدل على تويتر الكون (Twitterverse) المشتقة من (Universe)، أو حتى يدعو أحد المشتركين البقية إلى عقد لقاء مستعملاً كلمة (Tweetup) المشتقة من كلمة (Meetup). أما عندما يريد أن يتحدث أحدهم عن احتفال يستخدم كلمة (Twestival) المشتقة من (Festival)... كلمات ومرادفات لا تّحصر تماماً كالتويتر.

وللتحادث على التويتر أصول وآداب، فعند ذكر اسم مكان يضاف إلى أول الكلمة إشارة (#) كعند الدلالة إلى اسم بلد، قضية، حركة... مثالاً (#Lebanon, #Aqsa, #HR). أما عند توجيه رسالة إلى مشترك آخر فيضاف إلى بداية الكلمة إشارة (@) مثل (@NowLebanon). ولمشاهدة صفحة مشترك أو الانضمام إلى لائحة متابعته، ينقر على صورة المشترك، أو كتابة عنوان موقع التويتر مع اسم المشترك (http://www.Twitter.com/NowLebanon).



أيام الأسبوع باتت مقسمة بين مواضيع. الأشهر عالمياً منها هما نهارا الإثنين والجمعة، ولبنانياً نهار الخميس. رسائل ومداخلات الإثنين مخصّصة لمحبي الموسيقى(#MusicMonday)، حيث يعمد كل مشترك إلى إطلاع الآخرين على أغانٍ أو معزوفات يستمع إليها، بعضها مع رابط للاستماع أو المشاهدة.


نهار الجمعة خصص للتعارف (#FollowFriday)، فسحة يستغلّها المشترك ليتيح لمتابعيه أن يتعرّفوا إلى أشخاص جديرين بذلك. غالباً ما تتخذ الدعوة أشكالاً مختلفة، يكفي إضافة كلمة (#FollowFriday) أو باختصار (#FF) إلى الرسالة، مرفقة بتفسير أن الشخص (ذكي، مرح، أو ضرورة...).

ولأن اللبنانيين يبحثون عن الاختلاف أينما حلّوا، ابتكرت مجموعة تطلق على نفسها اسم (#Maniachi) فكرة غريبة أطلق عليها اسم (#ThemeThrusday) واختصاراً (#THTH). ولكل يوم خميس موضوع، يغيّر فيه المشتركون صورهم بحسب الموضوع المقترح وتتمحور الرسائل المتبادلة في هذا النهار حول الفكرة. المواضيع في الأسابيع السابقة تنقّلت بين الأبطال، السيارات، الألعاب، والعلامات التجارية للشركات. وعند منتصف كل ليلة أربعاء/خميس يترّقب المتابعون لاكتشاف موضوع الغد.







لكل مشترك امتدادان. الأول يتشكل من الذين يتابعون أخباره (Followers)، والثاني أولئك المشتركون الذين يتابعهم (Following). وهنا يكمن رونق التويتر وسحره بثلاثة أنماط من شعب التويتر: الأول يوازن دوماً بين الجناحين فيتبع كل من يتتبعه. النوع الثاني غالباً ما يكون للمشاهير، السياسيين، أو الأحزاب، فيكون عديد التابعين أكثر بكثير من أولئك الذين يتابعهم المشترك. أما النوع الثالث والأخير فهو نقيض الثاني، وذلك لأسباب شتى قد تكون لأن المشترك حديث العهد في عالم التويتر، فيلجأ إلى إضافة جماعية لمشتركين آخرين وينتظر من يعاود متابعته، أو قد يكون غير نشيط وقليل الكلام، أو ربما لأنه لم يضع اسماً حقيقياً وأغفل إضافة معلومات تعرّف عنه.

المكونات الأربعة السابقة الذكر (الإسم - الصورة - الخلفية - المعلومات الإضافية) تضفي نوعاً من المصداقية على المشترك وثقة به، وبالتالي تحقق الشفافية المطلوبة لزيادة متابعيه.


هناك مشتركون في التويتر يتخطى عديد متابعيهم بضعة ملايين، ومنهم من كتب أكثر من مئة ألف رسالة. واليوم التويتر أصبح مشهوراً على نطاق واسع، وقد تسمع أن البعض يشارك عند كل فرصة سانحة، في الوظيفة، في الحافلة، في السيارة، في المقهى، وحتى في المدرسة، الجامعة والعمل وحتى ضمن دوام . بالإضافة إلى وجهة الاستعمال الشخصية، هناك أيضاً الوجهة التجارية، فمعظم الشركات باتت تعتبر التويتر امتداداً للتسويق من أجل زيادة المبيعات، وطريقة تواصل مع الزبائن. وبعض الشركات خصّص فريق عمل من أجل الإجابة عن رسائل التويتر.

"قل لي من تتبع، أقل لك من أنت"، مقولة صحيحة إلى حد ما. يكفي إلقاء نظرة خاطفة على لائحة الأشخاص الذين يتابعهم مشترك ما، لتبيان اهتماماته وميوله.



التويتر من بين المواقع الخمسين الأكثر زيارة في العالم. منذ إطلاقه في العام 2006 يتزايد عدد المنتسبين إليه باضطراد دائم ومن كل أنحاء العالم. وقد ارتفع عدد التويت-الرسائل في اليوم الواحد من 27 مليون في تشرين الثاني من العام المنصرم، إلى أكثر من خمسين مليون في مطلع شهر آذار من السنة الحالية. البدايات كانت في أميركا، ومن ثم انتقل النشاط في العام 2007 إلى اليابان، لينتشر في العام 2008 في الدول الأنكلو ـ سكسونية. ومع انتهاء عام 2009 كان التويتر قد أصبح ظاهرة لا تغيّب. خمسون مليون عضو مسجّل في التويتر، منهم ما يزيد على النصف من الولايات المتحدة الأميركية وحدها. معدّل مليون ونصف زائر يومي يقضي ما لا يقلّ عن خمس دقائق في هذا العالم الافتراضي الساحر. ويومياً 800 ألف رابط قراءة، 860 مليون رابط مشاركة أفلام قصيرة... أرقام تجعل التويتر البوابة الثانية الأكبر لمشاهدة الأفلام.




تقول مشتركة إن "التويتر مكان يجمع النخبة، فيه يمكن العثور على مزيج من كل شيء تقريباً. الخروج من المجتمع المحلي إلى العالمي، متابعة الأخبار، وآخر صيحات الموضة، المعلومات، التكنولوجيا، والآراء.. بالإضافة إلى كل ذلك، هو مصدر للمرح وقاتل للضجر في فترات الراحة أثناء العمل، وخصوصاً نهار الخميس. "أشعر أنني طفلة من جديد، ببساطة أنا أحب تويتر".

مشترك آخر كان يتوقع رسائل مفيدة لكنه فوجئ بأن البعض يستخدم هذه الخدمة من أجل الدردشة (Chat) بينما هناك برامج متخصصة للمحادثات الطويلة.

مغترب وجد في التويتر طريقة اتصال بمجتمعات لبنان، اختار مجموعة، انضم إليها ولكنه لم يستطع مجاراة الكمية الهائلة من الرسائل التي تتوالى باستمرار. يكتفي حالياً بالدخول لساعة يومياً يطالع آخر أخبار الأصدقاء، التكنولوجيا وروابط المقالات المحلية والعالمية. غالباً ما تكون زياراته وهو في القطار، ذاهباً من وإلى العمل، ويعتبر نفسه غير مدمن على التويتر كمعظم الأشخاص الذين يتابعهم. وعلى الرغم من أن التويتر سلاح فعّال في وجه الضجر، إلا أنه يستحوذ على عقل المستخدم، يبعده عن أداء واجباته الوظيفية والدراسية وبالتالي يقلل من الإنتاجية.







التويتر، عالم من دون حدود، لا يعترف بخصوصيات الدول، أو بنزاعات عمرها عشرات السنين. صحراء خصبة ملوّنة من البشر، بمذاهبهم، أعراقهم ولغاتهم، التقوا في زمان ومكان ليتحدثوا عن أي شيء. قد يتحادث عدوّان من دون أن ينتبه أي منهما إلى عدائه مع محدثه، وإذا انتبه أو تذكّر أحدهما العداوة قد يتخلّى عن متابعة الحديث، أو قد يلجأ إلى منع الآخر من قراءة أي من رسائله عبر خدمة (Block).

يتفق كثيرون من الأشخاص والخبراء على أن التويتر هو مستقبل العلاقات الاجتماعية، ورغم ذلك هناك عدد كبير من مستخدمي الكمبيوتر يرفضون الانضمام إلى هذه الظاهرة. يبرّرون تمنعهم بأنهم لا يريدون خوض تجربة جديدة، أو أن التويتر كالفايسبوك (Facebook) مجرد وسيلة أخرى لمضيعة الوقت.

هؤلاء هم، مع كل الاحترام، مجرد مجموعة فكرية آيلة إلى الانقراض. فهم يشبهون إلى حد ما من كان يقول في زمن مضى أنه يرفض السفر بالسيارة، بالقطار، وأخيراً بالطائرة لمخاطرها. وعلى مرّ العصور أظهرت الوقائع أن التطور لا ينتظر المترددين ولا المتخوّفين.


باسكال عسّاف، السبت 10 نيسان 2010

1 comment:

  1. أنا اسمي هيثم و أنا مدمن على تويتر
    و لا أرجو علاجا ً و لا مجموعة دعم للتخلص منه

    اتبعني و كفى بذلك رفقا ً بي
    ;)))))

    شكرا ً على العرض الممتاز

    ReplyDelete

Share

Widgets