"كستنا بستنا بوف"... هل تذكرون؟
مسلسل "ابو سليم" وفرقته على تلفزيزن لبنان قديما؛ وربما على شركة أدفيزيون – قناة 7 – أو شركة تلفزيون لبنان والمشرق – قناة 5 و11 – قبيل الاندماج، لم أعد أذكر...الأمر المؤكد أنه في فترة السبعينات، كانت حلقات تلفزيونية جمعت ابو سليم وفرقته، نسيت اسم المسلسل أو المناسبة. في الحبكة، باختصار، أن "فهمان" يستولي على عصا سحرية، يكفي ان يوجهها الى أحدهم وينطق بعباراتها السحرية: " كستنا بستنا بوف" لكي يجمد الآخر كالتمثال...بانتظار ان يعود فينطق بالعبارة مجدداً "كستنا بستنا بوف" لكي تعود فتدب فيه الحياة. و"خود" على مقالب مضحكة سمّرتنا بدورنا امام شاشة التلفزيون... ايام زمان، ايام بريئة، بالأسود والأبيض قبل أن تستحيل فقط بالأسود...
"كستنا بستنا بوف"... كنت لتسمع تلامذة المدارس يتسلون بلعبها في الملعب، في الأتوكار...على طريق عودتهم الى البيت..."خبطة" او جملة على الموضة؛ كان يكفي ان ينطق أي ممثل في فرقة ابو سليم بأية Formule ليرددها جيل بأكمله (من لا يذكر مثلاً "سعيد" ولفظة "يا" كمحطة تعبر دائما في كلامه: " يا انا يا انت، يا كيفك يا ابو يا سليم...).
اما بعد... وفي قفزة عبر الزمن على ما يبدو، "كستنا بستنا بوف" حدثت مجددا في مبنى الـ ABC الأشرفية، ولكن بنسخة معدلة، نسخة 2010. عمَّ نتكلم بالتحديد؟
في مشهد يتكرر كل يوم، يؤم مبنى الـ ABC في الأشرفية، عشرات ألوف الزوار: مقاهيه ومطاعمه دائما مكتظة، منهم من يحتسي القهوة، منهم من يتسوّق... حركة دائمة، قوامها اناس ادمنوا على...الـ ABC.
نهار السبت الواقع في 20 آذار 2010 يوم لا يختلف عن باقي الأيام، أو هكذا ظّن من صودف وجوده في الفسحة الممتدة امام متجر "ك- لين" K-Lynn، سوني Sony Store ومقهى بولPaul ... تحديداً تحت القبّة الرئيسية للمركز. وعلى ما يبدو فإن المركز الثقافي الفرنسي اراد الاحتفال بذكرى 20 آذار - اليوم العالمي للفرنكوفونية – على طريقته. على "الإيميل" (البريد الالكتروني)، تصلك دعوة - انت المواطن lambda λ (مبهم او اي مواطن)، تدعوك للتواجد في المكان المشار اليه، باحة L0 في مجمع الـ ABC...انت لا تعرف بالضرورة من سيشارك في الحدث. يطلب منك فقط ألاّ تأتي بحركة عند سماعك انطلاق أغنية محدّدة: louxor j’adoreلـ Philippe Katerine، أن تتوقف وكأنك "تجمدت" FREEZEأو كأنك سمعت "كستنا بستنا بوف" أتتك من زمان آخر. اذا مطلوب منك أن تتوقف، كما طُلب من الكثيرين من أمثالك ممن تلقوا الدعوة نفسها واحبوا بدورهم أن يشاركوا بهذه "اللعبة الجماعية". الهدف بسيط: التسلية، الفرح، قضاء وقت ممتع... وأبعد، رسالة، كأني بها لوحة Happening، تذكر بأن "لبنان بلد حيّ، ناطق باللغة الفرنسية، فرنكوفونيته منفتحة، حية بدورها، وبالتأكيد لا تنقصها الجرأة"... (كما جاء في نص الدعوة وكما ارادها القيمون على المشروع).
قرابة السادسة مساءً، وما إن صدحت الأغنية – كلمة السّر – عبر مكبرات الصوت في هول الـ ABC، حتّى "تجمّد" عشرات الأشخاص، من كل الأعمار، صغاراً وكباراً... تحوّلوا إلى أصنام، وكلّ اختار حركة مثيرة أوقف الزمن عندها: هناك شاب يعانق صديقته، أحدهم ترك الهاتف معلّقاً في الهواء، آخر خطواته بقيت معلقة في الهواء، أحدهم ايضا يشير الى...العدم، فتاة وغيرها ينظرون إلى واجهة محل، ومنهم من تحول إلى امتداد للواجهات الزجاجية العملاقة... لمدّة دقيقتين وكأنك مع زمن قد توقف، "كستنا بستنا بوف"... او زمن الاغنية... وانقسم المتواجدون إلى فريقين: فريق يشارك، هو الذي لا يأتي بأي حركة...وآخر، ذلك الذي صادف مروره بالمكان...يتفاجأ، يحاول ان يتابع سيره، لا يقدر...يعود على خطواته، يريد ان يتأكد بأنها ليست هلوسة، فمن كان بجانبه للتوّ، تجّمد...، حقاً تجمّد في وضعه ، وراح يبتسم، يظّن بأنه "مقلب" للكاميرا الخفية...ولكن لا، عشرات استحالوا تماثيل، أصناماً...يحاول التعليق، عبارات واهية ينطق بها لا تعبر عن قلقه الذي يحاول ان يخفيه...هل بدأت حرب النجوم وغزوة الارض من الفضاء؟!...ينتفض، يحاول بكل ما أوتي من حيلة او اسلوب ان يُضحك "الأصنام"...
العملية يُطلق عليها ما يسمّى بالـ Flash’mob، دعوة الى التحرك الجماعي السريع في دعم لقضية محقة، لأخذ موقف، لنصرة فكرة، للاعلان عن حدث، عن حفل...الخ. يكفي فقط أن تمرر "الرسالة" Message او كلمة السر...
... انتهى عزف المقطوعة الموسيقية التي اشرنا اليها. يعلو صوت التصفيق في الأرجاء... "الكّل" يعود الى طبيعته وكأن شيئاً لم يكن.
"كستنا بستنا بوف"، ليتنا استطعنا استعمالها يوما، على بلد وعلى شعب... فجر يوم شاء ان يكون في 13 نيسان 1975.
http://www.nowlebanon.com/Arabic/NewsArticleDetails.aspx?ID=157670&MID=0&PID=0
http://www.nowlebanon.com/Arabic/NewsArticleDetails.aspx?ID=157670&MID=0&PID=0
"كستنا بستنا بوف"
ReplyDelete